• 24 Nov, 2025

تلعب الثقافة والفن دوراً جوهرياً في تشكيل الهوية المجتمعية لأي مدينة، وتُعد حمص واحدة من المدن التي تمتلك إرثاً ثقافياً غنياً وتنوعاً فنياً يعكس تاريخها وذاكرة أهلها. فالفن ليس مجرد مساحة للتعبير الجمالي، بل هو وسيلة لفهم المجتمع، وتوثيق حياته اليومية، وخلق جسور بين الماضي والحاضر

على مدى عقود، شكلت حمص بيئة خصبة للفنانين والكتّاب والموسيقيين الذين وجدوا في شوارعها وأسواقها القديمة مصدر إلهام لا ينضب. فالأغاني التراثية، الحكايات الشعبية، الحرف التقليدية، والمسرح المحلي كلها ساهمت في رسم صورة مميزة للمدينة، تجمع بين الأصالة والانفتاح على التجديد. كما لعبت المعارض الفنية والمبادرات الثقافية دوراً مهماً في احتضان المواهب الشابة التي تسعى لإثبات حضورها وإبراز رؤيتها للعالم

ومع تطور الإعلام الرقمي والمنصات الاجتماعية، بدأت الثقافة والفن في حمص تتخذ أشكالاً جديدة، حيث ظهر جيل جديد من المبدعين الذين يوظفون التصوير، وصناعة المحتوى، والفنون الرقمية للتعبير عن أفكارهم وقضاياهم المجتمعية. هذا التحول لم يلغِ الطابع التقليدي، بل أتاح مساحة للتكامل بين التراث والحداثة، مما خلق مشهدًا فنيًا أكثر تنوعاً وعمقاً

تلعب الفعاليات الثقافية والفنية اليوم دوراً مهماً في تنشيط الحياة الاجتماعية في المدينة، بدءاً من الأمسيات الموسيقية والقراءات الأدبية، ووصولاً إلى الورشات الفنية والمهرجانات التي تجمع العائلات والشباب في لقاءات تضج بالحيوية. مثل هذه الأنشطة لا تقتصر فائدتها على الترفيه، بل تسهم في تعزيز الحوار والتواصل بين أفراد المجتمع، وتحفّز التفكير الإبداعي، وتشجع على الانخراط في الحياة العامة

إن الحفاظ على الثقافة والفن يمثل مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الثقافية، الفنانين، والجمهور، لأنهما عنصران أساسيان في بناء مجتمع متماسك قادر على مواجهة تحدياته. فالمدينة التي تكرم فنّها وتراثها هي مدينة تمتلك روحاً نابضة بالحياة، وتستطيع أن تكتب مستقبلها بثقة ووعي

ختاماً، تبقى الثقافة والفن في حمص أكثر من مجرد نشاط أو ترف، إنهما لغة تتحدث بها المدينة، وجسر يصل بين أجيالها، وقوة توحّد الناس تحت مظلة الإبداع والجمال